{فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حُوْتَهُما} أراد: نسي أحدهما، وهو يوشع ابن نون {فاتخذ سبيله} اتَّخذ الحوت سبيله {في البحر سرباً} ذهاباً، والمعنى: سرب سرباً، والآية على التّقديم والتَّأخير؛ لأنَّ ذهاب الحوت كان قد تقدَّم على النِّسيان.{فلما جاوزا} ذلك المكان الذي ذهب الحوت عنه {قال لفتاه ءاتنا غداءنا} ما نأكله بالغداة {لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً} عناءً وتعباً، ولم يجد النَّصب في جميع سفره حتى جاوز الموضع الذي يريده، فقال الفتى: {أرأيت إذْ أوينا إلى الصخرة} يعني: حيث نزلا {فإني نسيت الحوت} نسيت قصَّة الحوت أن أُحدِّثكها، ثمَّ اعتذر بإنساء الشَّيطان إيَّاه؛ لأنَّه لو ذكر ذلك لموسى عليه السَّلام ما جاوز ذلك الموضع، وما ناله النَّصب، ثمَّ ذكر قصَّته فقال: {واتخذ سبيله في البحر عجباً} أَي: أعجب عجباً، أخبر عن تعجُّبه من ذلك، فقال موسى عليه السَّلام: {ذلك ما كنا نبغي} نطلب ونريد من العلامة {فارتدا على آثارهما} رجعا من حيث جاءا {قصصاً} يقصَّان آثارهما حتى انتهيا إلى الصَّخرة التي فعل الحوت عندها ما فعل.{فوجدا عبداً من عبادنا} يعني: الخضر عليه السَّلام {آتيناه رحمة من عندنا} نبوَّة {وعلمناه من لدنا علماً} أعطيناه علماً من علم الغيب. وقوله: {رشداً} أَيْ: علماً ذا رشدٍ، والتَّقدير: على أن تعلِّمني علماً ذا رشدٍ ممَّا عُلِّمته.